أخبار
البرازيل.. السكان الأصليون يسعون لحماية حقوقهم
طوى السكان الأصليون في البرازيل صفحة سيئة في تاريخهم مع انتهاء ولاية الرئيس السابق جايير بولسونارو، الذي اعتمد سياسة التضييق على حقوقهم طيلة السنوات الماضية.
حتى بدأ بعضهم في التفكير في مشاريع طموحة لتسليط الضوء على قضاياهم وثقافتهم المتنوعة، من خلال لغة يفهمها الجميع في البرازيل بل والعالم ألا وهي كرة القدم.
ليس واحدا من كرنافالات البرازيل واستعراضاتها الشهيرة، بل حفل تنصيب أعضاء حكومة لولا دا سيلفا، التي وثق التاريخ أحد أهم لحظاتها.
فلأول مرة يتم تعيين وزيرة من السكان الأصليبين، لحظة تنفس فيها هؤلاء الصعداء، بعد سنوات من التضييق الذي مارسه عليهم الرئيس السابق جائيير بولسونارو.
حماية الحقوق
تقول سيليا زاكريابا زعيمة السكان الأصليين من قبيلة زاكريابا لبرنامج “من هناك” الذي يبث عبر قناة “سكاي نيوز عربية”: “نحن نشهد تراجعا لحقوق السكان الأصليين منذ تولى بولسونارو السلطة ونقل مسألة ترسيم الأراضي إلى وزارة الزراعة. ما يوحدنا هو الأرض وبدون أراضينا نموت”.
من ناحيته، يوضح تيريزا أرابيوم زعيم قبيلة أرابيوم: “تاريخنا لم يبدأ عام ألف وتسعمئة وثمانية وثمانين نحن السكان الأصليون. حقوقنا مكفولة بموجب الدستور الفيدرالي لعام 1988 ولم تحترمها حكومة بولسونارو”.
اختفت خيام السكان الأصليين الذين كانوا يحلون من كل بقعة في البرازيل على العاصمة، للاحتجاج والدفاع عن حقوقهم، قبل أن تختفي محمياتهم الواحدة تلو الأخرى.
هنا في برازيليا، العاصمة الوحيدة في العالم التي تضم وسطها محميات للسكان الأصليين. قصدنا إحداها في كاريري، حيث التقينا ماتيوس من قبيلة تيرينا.
ليس من أبناء العاصمة الأصليين، لكنه قدم إليها منذ سنوات دفاعا عن حقوق بني جلدته من مختلف القبائل.
يقول ماتيوس تيرينا، أحد أعضاء المؤسسة الوطنية للسكان الأصليين: “أنا من قبيلة تيرينا، غادرت ولاية ماتو جروسو دو سول إلى العاصمة برازيليا عام واحد وثمانين للدراسة، وأيضا حتى أكون قريبا من مصدر القرار الموجود هنا، وأتحدث عن وكالة فوناي، المؤسسة الهندية الوطنية، وهي الهيئة الحكومية التي تضع وتنفذ السياسات المتعلقة بالسكان الأصليين، بما في ذلك رسم الخرائط وحماية الأراضي التي تسكنها وتستخدمها هذه المجتمعات، ومنع الغرباء من غزو أراضي السكان الأصليين “.
لكن بعد كل هذه السنوات، اضطر ماتيوس لمغادرة أرضه الأصلية في العاصمة، أو الابتعاد عنها قليلا بصيغة أدق.
أما السبب فهو دعوى إخلاء من قبل السلطات التي كانت تسعى لإبعاد السكان الأصليين خارج المدينة.
يقول ماتيوس تيرينا، عضو المؤسسة الوطنية للسكان الأصليين:”جميع الحكومات سواء كانت فيدرالية أو محلية، تريد غالبا رؤيتنا بعيدا عن المدن. رغم أننا سكان البرازيل الأصليون. لا أفضل العيش في هذا المكان المغلق، لكن لا بأس بما أننا مستمرون في الدفاع عن قضيتنا”.
توصل ماتيوس وغيره من العائلات لصفقة مع المقاطعة، انتقلوا بموجبها إلى الطرف المقابل لأرضهم، بما أن منازلهم لا تتماشى والبنيان الحديث للعاصمة.
حيث خصصت الحكومة مشروع محمية، تُبنى فيه منازلهم بتصاميمها التقليدية لكن بشكل أكثر حداثة. لكن السلطات تجمع في هذه المحميات عائلات من مختلف القبائل، دون أن تراعي اختلافاتهم.
يوضح ماتيوس تيرينا: “التعايش بين المجموعات العرقية الأصلية الأخرى لا يعد مشكلة بالنسبة لنا وإن كانت لنا بعض العادات المختلفة”.
ويضيف:”فعند النضال نصبح شعبا واحدا ومشاكلنا واحدة. التعايش مع السكان غير الأصليين هو الأمر الأكثر تعقيدا بسبب ثقافاتنا المتباينة”
البرازيليون وكرة القدم
يقول البرازيليون، مخطئ من اعتقد أن لغتهم هي البرتغالية بل كرة القدم. والسكان الأصليون يعون ذلك جيدا، لذلك يحاولون تشكيل أول فريق من السكان الأصليين لكرة القدم.
قرر ماتيوس العمل على تشكيل فريق لكرة القدم من السكان الأصليين. وكايا اللاعب السابق الذي أنهت الإصابة احترافه في عدة أندية بالدوري البرازيلي، انضم للإشراف على الفريق وتدريبه.
يقول كايا كيرا مدير ومدرب فريق السكان الأصليين لكرة القدم: “أعتقد أننا مجنونان بعض الشيء، لكننا متحمسان لهذه الرياضة ونعلم الإمكانيات التي توفرها هذه الأداة الرياضية. والفوائد التي تجلبها للمجتمع والبشر. قدرتها على أن تجعل الاختلافات تختفي. نحن نكتب قصة جميلة”.
معالم القصة الجميلة التي يتحدث عنها كايا تتضح يوما بعد آخر فقد أمضى وماتيوس وغيرهما سنوات على المشروع الذي يطلعانا على مقره. حتى بات لديهم فريق يضم اثنين وعشرين لاعبا وسبعة محترفين في أندية رسمية.. ينتظرون اكتمال الفريق للانضمام إليه.
ويضيف كايا كيرا: “إنه مسار أعرفه بالفعل كرياضي فقد ساعدت في هيكلة بعض الأندية. لكن الجزء الأصعب وبلا شك هو جمع التبرعات. نعمل على تأسيس هذا الفريق منذ سنوات، لكن حتى الآن لا نؤخذ على محمل الجد. ما زلنا يُنظر إلينا على أننا غير قادرين على تحقيق شئ، لذلك علينا النضال كل يوم”.
لا يتوقف القائمون على هذا المشروع عن السعي للحصول على الدعم المادي المطلوب. لكن الوعود تستمر في جرف أحلامهم بعيدا.
ومع ذلك هم يصرون على تحقيق أول هذه الأحلام بانضمامهم إلى الدوري البرازيلي.. وإن كان ذلك يتطلب دفعم أكثر من مئة وخمسة وعشرين ألف دولار لاتحاد كرة القدم.
كايا وماثيوس واثقان من مستوى الفريق، لكنهما ولجعله في مستوى أعلى يتواصلان مع مدربين ولاعبين محترفين من غير السكان الأصليين يمكن أن يجعلوا الفريق يبلغ مستويات أعلى.
فأحد أهداف الفريق المستقبلية، تصدير عناصره للاحتراف في فرق الدوري الأوروبية.
يضيف كايا كيرا: “أعتقد أن تكوين مزيج من الرياضيين ذوي الخبرة الذين هم بالفعل محترفون وفازوا بالفعل بالألقاب، جنبا إلى جنب مع هؤلاء الرياضيين الذين يكتسبون الخبرة، سيوصلنا إلى هدفنا”.
وأوضح كايا كيرا: “نحن نعمل على اكتشاف رياضيين متميزين حتى نتمكن من دخول السوق بجودة عالية، خاصة وأن أحد أهدافنا بعد تشكيل الفريق، القدرة على تمكين اللاعبين من السكان الأصليين من اللعب في بلدان شمالي أوروبا”.
يقول كايا وماثيوس إن الفريق كما قبائل السكان الأصليين، لن يكون معزولا عن بقية مكونات الجتمع البرازيلي.
فالهدف الأساسي منه، تسليط الضوء على قضايا وثقافة السكان الأصليين المتنوعة من خلال شيء مشترك بين الجميع.
المصدر : سكاي نيوز عربية