أكدت صحيفة “الفاينانشال تايمز” بأن البرازيل والأرجنتين ستبدآن العمل على عملة مشتركة هذا الأسبوع، بما يمكن العملة الجديدة أن تحفز التجارة الإقليمية وتقلل الاعتماد على الدولار، وسيكون من نصيب الاتحاد النقدي المحتمل 5% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.
وتقف الأرجنتين على حافة إفلاس آخر، وهي تفكر في إمكانية التخلي عن عملتها والتحول إلى الريال البرازيلي (على الرغم من أنه من المحتمل أن يصبح اسم العملة الجديدة “سور”)، فيما تعاني البرازيل من حالة تضخم معتدل ويبلغ 5.79%، مقارنة بالتضخم المفرط الذي تعاني منه الأرجنتين بمعدل (94.8%)، ويظهر سعر صرف الريال البرازيلي العام الماضي أفضل نتيجة من حيث الثبات مقابل الدولار على العكس من ذلك يظهر البيزو الأرجنتيني أسوأ أداء، وهو السبب الرئيسي لتوحيد العملات.
وتعاني الأرجنتين من إفلاس مزمن، وتعيش طوال الوقت على طلب قروض جديدة من صندوق النقد الدولي، وتواجه البلاد عجزاً عن جذب قروض جديدة بالدولار أو عدم كفايتها، في حين أن التأرجح على حافة التضخم المفرط يحد من قدرة الحكومة على حل المشكلات المالية عن طريق طباعة النقود الورقية غير المغطاة، وفي ظل هذه الظروف فإن الانتقال إلى عملة برازيلية مستقرة في واقع الأمر، وإذا ما وافق البرازيليون، على ترك الحق للأرجنتين في إصدار جزء من المعروض النقدي، قد يصبح مصدراً لتمويل الحكومة الأرجنتينية لبعض الوقت.
ويرى خبراء اقتصاديون، بإن المشكلة تكمن في أن البرازيل هي الأخرى مفلسة على المدى الطويل، حيث كانت الدولة تعاني من عجز مزمن في الميزانية منذ عقود (4.5% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021)، فضلاً عن معاناتها من عجز مزمن في الحساب الجاري (Current Account) والذي بلغ 1.8% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2021، أي أنه للعيش على مستواها الحالي من الازدهار، فإنها تتطلب باستمرار تدفق التمويل الخارجي على شكل قروض، وهو ما يعني، بشكل أساسي، أن الريال البرازيلي يجب أن ينخفض مقابل العملات الأخرى (ما لم يكن الوضع أسوأ بالنسبة للعملات الأخرى).
ويشبه تعزيز العملة البرازيلية ما حدث في مصر قبل عامين أو ثلاثة، عندما رفعت الدولة سعر الفائدة وعززت عملتها بشكل مصطنع لجذب التمويل الأجنبي، ما يوفر عوائد مرتفعة للمستثمرين الأجانب على السندات المصرية، إلا أن هذا ليس سوى وليمة أثناء الطاعون، أو الفرصة الأخيرة للاقتراض قبل أن يدرك المستثمرون الأجانب أن الأمور سيئة، ويهربون من البلاد.
وبحسب ترجيحات الخبراء، فإنه سيتم بالفعل إنشاء عملة برازيلية أرجنتينية واحدة وستنتهي القضية بضجة ستساعد حكومة البلدين على جذب قروض جديدة لمشروع واعد جديد، ولكن إذا تم إنشاء عملة واحدة، فلن تعيش طويلاً، نظراً لأن ذلك سيكلف البرازيل أموالاً طائلة للدفع نحو استقرار الاقتصاد الأرجنتيني أو سيدفع بالأرجنتين نحو صدمة انخفاض دخل الميزانية وهذا وذاك أمر لا يقبله قطعاً أي من الطرفين.
وطبقاً للتوقعات، فإن عملات أعضاء الاتحاد ستبقى غير مستقرة إلا في حالة أن يصبح اليوان هو العملة التجارية الموحدة للبريكس، إلا أن هناك عقبات تتجسد في الطموحات السياسية للهند وروسيا، وربما مشاركين آخرين، مع الاعتبار بأن روسيا وحدها (إلى جانب الصين) لديها الإمكانية للمطالبة بدور لعملتها مدعوماً بمؤشرات مالية واقتصادية قوية.
ويؤكد بعض المحللين، أن الغرب وبرفع سعر الفائدة كجزء من محاربة التضخم، يضغط بالأحرى على زنبرك لن يلبث سوى أن ينفجر مصحوباً بعواقب وخيمة في شكل انهيار البورصات وموجة من الإفلاس هذا العام على الأرجح، أو ربما لاحقاً، نظرا لأن العمليات العالمية لديها خمول كبير وتتطور ببطء، وربما سيكون المحرك هو إفلاس بعض البنوك العالمية الكبرى مثل Credit Swiss أو Deutsche Bank، وربما إفلاس بلد كبير، بعض المرشحين باتوا واضحين بالفعل، بما في ذلك ضمن بلدان الشرق الأوسط أو الأرجنتين.
المصدر : تحديث نت